قال أبو أحمد عبدالله بن عدي الحافظ: سمعتُ عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمَدوا إلى مائة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا المتن هذا، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس.
فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم، فسأل البخاري عن حديث من عشرته، فقال: لا أعرفه.
وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه.
وكذلك حتى فرغ من عشرته، فكان الفقهاءُ يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهِم، ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز، ثم انتدب آخر، ففعل كما فعل الأول، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه.
فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فكذا، والثاني كذا، والثالث كذا إلى العشرة، فردَّ كل متنٍ إلى إسناده، وفعَل بالآخرين مثل ذلك، فأقرَّ له الناس بالحفظ.(١)
-------------------------------------------------------
(١) روائع القصص الإسلامي/ أ.د. عمر الأشقر/ ص٢١.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق