01‏/08‏/2013

جزر العبقرية

لفت انتباهي هذا الكتاب الذي يتحدث عن جوانب العبقرية والفن لدى مرضى التوحد والداون والأمراض العقلية الأخرى.

ولكل من ابتليت بطفل من هذه الفئات..
أسأل الله أن يجعل مولودها بابا لها إلى الجنة، وأن يشفع لها به، ولأهلها وذويها، وأن يطرح البركة فيهم ويجزيهم خير الجزاء في الدنيا والآخرة..



في جزر العبقرية، تتجاور المعجزة مع العجز، ونرى الإبداعات الغريبة، والخيال الخصب، والتركيز العالي، يتوحدون مع ذواتهم الخاصة، ويندمجون في عزلتهم، ولا يعرفون أنهم بحاجة للمجتمع.

قام الدكتور دارولد تريفيرت لفترة استمرت أكثر من ٤٧ عاما بالعديد من الأبحاث عن عقول المصابين بمتلازمة العباقرة النادرة، وفي عالمهم المتناقض. 

كيف يفعلون ذلك؟
توم يستطيع إعادة أي معزوفة موسيقية بعد سماعها لمرة واحدة! وستيفن يحلق بالمروحية فوق مدينة لندن لمدة ١٥ دقيقة فيرسم بشكل مدهش في خمسة أيام كل التفاصيل الدقيقة التي رآها في ورق قياس أربعة أمتار!

هذا بالنسبة لمن يولد بمواهب استثنائية، وآخرين يقضون فترة طويلة من حياتهم كأي شخص طبيعي وبعد فترة يطرأ أمرا ما فتظهر لديهم مواهب العبقرية مثل الطفل المغربي عثمان الذي تحدث الألمانية فجأة دون أن يسمعها من قبل! وأخرى في منتصف العمر تعرضت لسكتة دماغية واستعادت كامل صحتها بالإضافة إلى أنها تتحدث الآن وبكل طلاقة بلكنة بلد أجنبي آخر لم تزره إطلاقا!

أهم الملاحظات التي نبه عليها المؤلف هي أن دعم الأسرة والحب والحنان من الأم بشكل خاص هو أهم العوامل التي تساعد على نبوغ العبقرية في مرضى التوحد. قبول الوالدين لسلوكيات هذه الفئة والتعامل معها بسلاسة دون محاولة التدخل لتغييرها يساعد على انفتاحهم وتواصلهم بالمحيط حولهم.

يمكن اكتشاف المواهب عند مرضى التوحد والداون في عمر مبكر وقد ظهر في بعضهم منذ عامهم الثاني. وفي حال ملاحظة إحدى المواهب يتم التركيز عليها بالتعليم والتكرار وتوفير المواد والمدربين والمكان الملائم، وعادة تبدأ المواهب بالتقليد ثم الارتجال ثم الإبداع، ولا ننسى دور التشجيع في دفعهم للاستمرار في التطور وتقديمهم أمام الآخرين حيث أنه يساعد على تحسين لغة تواصلهم مع المجتمع، إلا أنه في حالات نادرة أدى تقديمهم للجمهور إلى نقص الموهبة في مقايضة محيرة.

يتميز هؤلاء العباقرة بالابتسامة الدائمة والرضا والقناعة، وليس من الضروري محاولة فهم شخصياتهم ولا استنطاقهم، لأنهم يتواصلون مع الآخرين عبر مهاراتهم.

وبعد عرض عدة حالات من العبقرية لدى المرضى الذين قام الدكتور بمتابعتهم، طرح تساؤلا مهما:
هل يمكننا إيقاظ العبقرية الكامنة في كل واحد منا؟ وكيف يمكن ذلك؟
لم يقدم إجابة واضحة لكنه بين أمورا تساعد على تطوير المواهب بشكل أسرع من المعتاد.
حيث ذكر تجربة بيتي إدوارد في استخدام الرسم لتدريس لغة ثانية: الفنون جوهرية لتدريب طريقة التفكير البصري والإدراك الحسي.
وتذكر أيضا: أن الرسم عملية سحرية عندما يتعب دماغك من الحديث، فإن الرسم هو طريقتك لتترك الحديث، الإمساك بشكل عابر بالحقيقة البعيدة.

وبينت في موضع آخر أن الدراسة المنهجية للفنون مثل الرسم والموسيقى تقوم بالسيطرة على الإبداع وأن الإرتجال هو أفضل طريق للوصول لإبداع الجانب الإيمن من الدماغ. ولأن الجانب الأيسر من الدماغ هو الأقوى والمسيطر والذي يكبت الإبداع -لكل ما سبق- فإن تجاوزه للوصول للفص الإيمن المتعلق بالإبداع يتطلب تحايلا للوصول إليه، وذلك لا يتم بشكل عادي، قد يتطلب وسائل مثل التحفيز المغناطيسي الذي لم تثبت له أضرار حتى الآن، وهناك وسائل أخرى مثل التأمل والهدوء وتصفية الذهن والتركيز في الموهبة.

من أراد الاستزادة يمكنه الحصول على الكتاب من موقع (دار الكتب).


نسأل الله أن يمتعنا بأبصارنا وأسماعنا وقواتنا ويجعلها زيادة لنا في كل خير.. وحجة لنا لا حجة علينا..
اللهم آمين