( ٦ ) التوبة:
التوبة هي أول المنازل وأوسطها وآخرها. فلا يفارقها العبد السالك ولا يزال فيها إلى الممات.
والهداية التامة لا تكون مع الجهل بالذنوب ولا مع الإصرار عليها، لذلك لا تصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب، والاعتراف به، وطلب التخلص من سوء عواقبه أولا وآخرا.
أول معاني التوبة: أن تنظر إلى ما كان من تخليك عن الاعتصام بالله حين إتيان الذنب، “ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم” أي متى اعتصمت به تولاكم ونصركم على أنفسكم وعلى الشيطان، وكمال النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله. فما خلى الله بينك وبين الذنب إلا بعد أن خذلك.
والخذلان: أن يكلك الله إلى نفسك، ويخلي بينك وبينها، والتوفيق أن لا يكلك إلى نفسك.
وهكذا ترجع التوبة إلى اعتصامك به وعصمته لك.
وإذا اشتدت الغفلة على مقارفة الذنب نقلته ولابد إلى الإصرار، وذلك ذنب أعظم، وهو من عقوبة الذنب أنه يودب ذنبا أكبر.
وأشد من هذا كله المجاهرة بالذنب، مع تيقن نظر الله إليه.
شروط التوبة ثلاثة: الندم، الإقلاع، الاعتذار.
وهي حقيقة التوبة: الندم على ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على أن لا يعاوده في المستقبل.
يارب: لم يكن مني ماكان عن استهانة بحقك، ولا جهلا به، ولا إنكارا لاطلاعك، ولا استهانة بوعيدك، وإنما كان من غلبة الهوى، وضعف القوة عن مقاومة مرض الشهوة، وطمعا في مغفرتك واتكالا على عفوك، وحسن ظن بك، ورجاء لكرمك، وطمعا في سعة حلمك ورحمتك، وغرني بك الغرور، والنفس الأمارة بالسوء، وسترك المرخي علي، وأعانني جهلي، ولا سبيل إلى الاعتصام لي إلا بك، ولا معونة على طاعتك إلا بتوفيقك.
يتبع،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق