إذا صحت فكرة العبد أوجبت له البصيرة، وهي نور يقذفه الله في القلب يرى به حقيقة ما أخبرت به الرسل كأنه يشاهده رأي عين فيتحقق مع ذلك انتفاعه بما دعت إليه الرسل.
والبصيرة على ثلاث درجات:
١- البصيرة في الأسماء والصفات:
بأن يشهد قلبك الرب تبارك وتعالى مستويا على عرشه متكلما بأمره ونهيه بصيرا بحركات العالم علوية وسفلية، وأشخاصه وضواته، سميعا لأصواتهم، رقيبا على ضمائرهم وأسرارهم. أمر الممالك تحت تدبيره، موصوفا بصفات الكمال، حي لا يموت، عليم لا يخفى عليه شيء..
وتفاوت الناس في هذه المرتبة بحسب تفاوتهم في معرفة النصوص النبوية وفهمها والعلم بفساد الشبه المخالفة لحقائقها.
٢- البصيرة في الأمر والنهي:
تكون بتجريده عن المعارضة بتأويل يعارض العلم بأمر الله ونهيه، أو تقليد يريحه عن بذل الجهد في تلقي الأحكام من مشكاة النصوص أو هوى يمنعه من امتثاله.
٣- البصيرة في الوعد والوعيد:
وهي أن تشهد قيام الله على كل نفس بما كسبت في الخير والشر، عاجلا وآجلا في دار العمل ودار الجزاء، وأن ذلك هو موجب إلهيته وربوبيته وعدله وحكمته.
والفراسة ثمرة البصيرة، لأن بها يستدل بما يشهد على ما غاب. وأهل الفراسة يستدلون بما يشاهدون منها على حقيقة ما أخبرت به الرسل من الأمر والنهي والثواب والعقاب. وقد ألهم الله ذلك لآدم حين علمه أسماء كل شيء وآتاه من النعم ما يعرف به حقائق الأشياء ليشكرها بحسن الانتفاع بها، فتقوى البصيرة ويعظم النور ويدوم، ولا يزال في تزايد حتى يُرى على الوجه والجوارح والكلام والأعمال.
والفراسة الحقيقية تكون دائما حول كشف طريق الرسول وتعريفها وتخليصها من بين سائر الطرق، وبين كشف عيوب النفس، وآفات الأعمال العائقةعن سلوك طريق المرسلين. فهذه أشرف أنواع البصيرة والفراسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق