تكلم حتى أراك

لاحظ  سقراط في إحدى المرات أن كل تلاميذه قد سألوه فأجابهم إلا واحدا ، فالتفت إليه سقراط قائلا له : تكلم حتى أراك !

اختار الصحفي الثرثار- كما يطلق عليه -  إجابة سقراط هذه لتكون عنوانا لكتابه ..

وقفتنا اليوم مع كتابه الرائع تكلم حتى أراك - للكاتب : أنيس منصور - نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

امتعني بشكل مختلف ، انتزع ابتسامتي ، وأجبرني على تكرار عبارات ملكتني حتى حفظتها
وأبهرني كم المعلومات التي يملكها والخبرات التي عاشها

أحببت وصفه لنفسه وأنسه بها في خلوته حتى وسط الزحام ، وذوقه في تعامله مع الجميع

يعشق القراءة  حتى جاوزت كتبه الخمسين ألفا ..

كتابه عبارة عن 86 مقالة يتحدث فيها عن جوانب من حياته مثل مجالسته للقادة أمثال عبد الناصر والكبار أمثال العقاد
أو يذكر فلسفته في الحياة ونظرته لمجريات الأمور
كما يصف عشقه للطبيعة وحب القهوة ، وبقدر ما يحترم المرأة فإنه ينفر منها !
يتأمل المواقف ويصف التعابير بدقة كما في مقالته عن فرانسوا ميتران
وكما يتوسط الإيمان قلبه يتوسط كتابه بمناجاة مؤثرة ، وفيها يصف الأرض كنقطة على حرف في كتاب من مليون جزء!
يستشهد بالشعر وبمواقف الصحابة والتابعين
يحب موسيقى موتسارت و روايات الأديب الفرنسي فكتور هوجو والشاعر الألماني جيته !
يتمتع بحس دعابة يخفي خلفها رسائل يريد إيصالها للقارئ

استوقفتني إحدى فقراته التي تصف أسلوبه في التعامل مع الآخرين :
تعال إلي في أي يوم وستجدني سعيدا جدا بلقاءك .. مع أنني لا أعرفك ، وليس هناك مبرر لسعادتي بك ! وهنا أتوقف ، مالذي يجعلني أبدو هكذا سعيدا ؟ لا سبب ، ولكنني أقوم بدور الرجل المهذب .. أقوم بدور الرجل الذي يخفي متاعبه ومشاغله  , إنني أقوم بدور الرجل الذي يرى أن همومه تخصه هو ، وأنها لا تخص الآخرين..
ويستطرد قائلا:
وليست هذه حقيقتي .. ولا حقيقة أي إنسان تراه أو تقابله في البيت أو في الشارع .. وإنما هي صورة أنيقة لأعماقي .. إنها صورتي .. وهذه الصورة قد أفرزت ألوانها في داخلي .. وعلقتها في كتفي ، وتواريت وراءها ; فأنت لا تراني .. وإنما ترى إحدى صوري .. أجمل صوري !!

 مارأيكم بكلامه؟
إذا حل علينا ضيف في وقت غير مناسب ؟
أو التقينا بشخص لا نعرفه ؟
هل نقابله بهذه السعادة ؟