17‏/03‏/2017

تلخيص كتاب: ضوابط الجرح والتعديل

تأليف: د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف

الجرح لغة:  
  • الجَرح بالفتح: التأثير في الجسم بالسلاح.
  • الجُرح بالضم: اسم للجرح في الأبدان.
وقال بعض فقهاء اللغة: الجَرح باللسان في المعاني والأعراض ونحوه، والجُرح في الأبدان بالحديد ونحوه.
الجَرح اصطلاحا:
وصف الراوي في عدالته أو ضبطه بما يقتضي تليين روايته أو تضعيفها أو ردها.
    • تليين روايته: الصدوق سيء الحفظ، تتقوى روايته بوجود قرينة مرجحة لجانب ضبطه.
    • تضعيف روايته: لا يخلو من أن يكون تضعيف الراوي:
١- تضعيف مطلق: عند تفرده، لا تقبل روايته لكن تتقوى بالمتابعة من مثله فترتقي إلى حسن لغيره.
٢- تضعيف مقيد: بالرواية عن بعض الشيوخ أو البلدان أو الأوقات، فيختص الضعف بما قُيد به.
٣- تضعيف نسبي: عند المفاضلة بين راويين أو أكثر، يختلف الحكم عليه بحسب قرينة الحال.
    • رد روايته: هو الضعيف جدا فمن دونه، لا يُقوي غيره ولا يتقوى بغيره.

التعديل: 
  • لغة: التسوية.
  • اصطلاحا: وصف الراوي في عدالته وضبطه بما يقتضي قبول روايته.
يشمل من تقبل روايته وتعتبر في مرتبة الصحيح لذاته، والحسن لذاته.
التعديل: يعني الحكم بعدالة الراوي، لكنها استخدمت بمعنى أشمل وهو التوثيق، أي الحكم بعدالته وضبطه معا.
     العدالة: ملكة تحمل المرء على ملازمة التقوى والمروءة.
     العدل: المسلم البالغ العاقل السالم من أسباب الفسق وخوارم المروءة.
  • الإسلام والبلوغ شرطان للأداء وليسا بشرطين للتحمل. (التحمّل هو سماع الحديث وأخذه عن النبي ﷺ أو عن الصحابة وغيرهم بعد وفاته).
  • البلوغ والعقل مناط التكليف الشرعي، لكن قد يضبط الصبي المميز بعض ما سمعه أو شاهده.
  • السلامة من الفسق وخوارم المروءة تكون بالتحقق في ظاهر حال الراوي. ( يقل التضعيف بفعل خوارم المروءة ).
                                                                              ( تلخيص الصفحات من ١٦ إلى ٢١ )
الأصل في اعتبار عدالة الراوي: 
  • من القرآن: “يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..” نص في وجوب التبيّن والتثبّت.
  • من السنة: “نضر الله امرءا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه..” 

حكم الجرح: جائز بإجماع المسلمين بل واجب للحاجة ولا يعد من الغيبة المحرمة. 
   وذكر النووي أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعا لا يمكن الوصول إليه إلا بها.

من الأدلة على جواز الغيبة لغرض شرعي مايلي:
١- «أن رجلاً استأذن على النبي ﷺ فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلَّق النبي في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت عائشة: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا ثم تطلَّقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله ﷺ: يا عائشة متى عَهِدتني فاحشاً؟ إنّ شرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة مَنْ تركه الناس اتقاء شرّه» وفي رواية: «اتقاء فُحْشِهِ».
٢- وعن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة فقال النبي ﷺ: “فإذا حللت فآذنيني”. قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني. فقال: رسول الله ﷺ: “أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد”.                       
( تلخيص الصفحات من ١٦ إلى ٢٥ )


هل يشترط في الراوي غير العدالة والضبط؟
ثمة أمور تشترط في الراوي غير العدالة والضبط، وتنقسم إلى قسمين: 
١- ليست شرطا بالإجماع : حرية الراوي ، حكى البغدادي الإجماع على قبول رواية العبد.
٢- ليست شرطا على الرأي الراجح عند الجمهور: منها ما يتعلق بالراوي:
١- الذكورية: مذهب أبو حنيفة، واستثنى أخبار عائشة وأم سلمة.
٢- الفقه: اشترطه أبو حنيفة إذا خالف خبره قياس الأصول، واشترطه آخرون عند تفرد الراوي، واشترطه ابن حبان عند أداء الراوي من حفظه. قول الرسول ﷺ : “رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه” صريح في عدم اشتراط فقه الراوي.
٣- الشهرة بسماع الحديث.
٤- كون الراوي بصيرا غير أعمى.
٥- كونه معروف النسب.
لم تشترط هذه الأمور الخمسة لقوله ﷺ: “نضر الله امرءا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها”. لم يفرّق بين من استوفى هذه الشروط ومن لم يستوفها.
ومنها ما يتعلق برواية الراوي:
١- عدم تفردها بالحديث، لم يشترط هذا لكثرة الدلائل على قبول خبر الواحد الثقة.
٢- عدم إنكار راوي الأصل رواية الفرع عند على وجه النسيان. الإنكار بالنسيان ليس نفيا للحديث بل بيان عدم تذكر، فقول المثبت مقدم لأنه جازم بما يروي عن شيخه.                                                 ( تلخيص الصفحات من ٢٦ إلى ٢٨ )


ما تثبت به العدالة
أولا: الجمهور : تثبت العدالة بأمرين: (وهو الراجح لأنه مقتضى الاحتياط للرواية، ولأن المقصود توثيق الراوي لا التعريف به) 
١- الاستفاضة: أن يشتهر الراوي بالخير والثقة والأمانة، مثل الإمام مالك وشعبة والشافعي وغيرهم. لأن الاستفاضة أقوى في النفوس من تعديل الواحد والإثنين، ولأن الغاية من التعديل بلوغ ستر الراوي، ولاحاجة لتعديل من اشتهر بالعدالة.
٢- تنصيص الأئمة المعدلين: (وفيه قولين)
الأول: يكفي تعديل إمام واحد: قياسا على قبول خبر الراوي الثقة عند تفرده. ( الراجح )
ولكن إذا كان الإمام الموثق متساهلا -كابن حبان- أو عارضه قول إمام آخر يُطلب الترجيح بضوابط التعارض.
الثاني: لابد من تعديل اثنين: لأن التزكية تحتاج في ثبوتها إلى عدلين كالرشد والكفاءة، وقياسا على الشهادة في حقوق الآدميين.

ثانيا: أبو بكر البزار والذهبي: تثبت العدالة برواية جماعة من الجُلَّة عنه:
نحوه قول الذهبي:” والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح”. أي أن رواية العدل عن غيره تعديل له، لأن العدل لو كان يعلم فيه جرحا لذكره.
أجاب الخطيب البغدادي: يجوز أن يكون العدل لا يعرف عدالة من روى عنه فلا تكون روايته عنه تعديلا له، بل روى عنه لأغراض يقصدها، وقد وُجِد جماعة من العدول الثقات رووا عن قوم أحاديث أمسكوا في بعضها عن ذكر أحوالهم أحيانا مع العلم بأنها غير مرضية وفي بعضها شهدوا عليهم بالكذب وفساد المذهب.
رد ابن حجر على الذهبي بأنه لم يصرح به أحد إلا ابن حبان، وهو حق في من اشتهر بطلب الحديث.

ثالثا: ابن عبد البر: كل حامل للعلم معروف العناية به فهو عدل حتى يتبين جرحه.
استدل بحديث: “يحمل هذا العلم من كل خَلَفٍ عُدولُه”. فيه إخبار بعدالة حملة هذا العلم. 
أسانيد الحديث ضعيفة، وعلى فرض ثبوته فهو خبر بمعنى الأمر، ويدل على ذلك رواية “ليحمل هذا العلم..”، كما أنه يوجد من يحمل هذا العلم وهو غير عدل، وإن كان بمعنى الخبر فيكون فيمن يحمل هذا العلم لكونهم مظنة للعدالة.

رابعا: ابن حبان: أن العدل من لم يُعرف فيه الجرح:
ونحوه ما نقله الخطيب البغدادي: 
زعم أهل العراق أن العدالة هي إظهار الإسلام وسلامة المسلم من فسق ظاهر فمتى كانت هذه حاله وجب أن يكون عدلا. وأدلتهم:
١- حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فقال: إني رأيت الهلال. قال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم. قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم. قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا”. 
الحديث مرسل، وعلى فرض ثبوته قد يكون هذا الأعرابي أسلم حديثا وهو طاهر من كل ذنب. 
٢- أن الصحابة اعتمدوا في العمل بالأخبار على ظاهر الإسلام وعملوا بأخبار النساء والعبيد ومن تحمل طفلا وأداه بالغا. 
أجاب الخطيب البغدادي: هذا غير صحيح ولا نعلم الصحابة قبلوا خبر أحد إلا بعد اختبار حاله. يدل على صحة ما ذكرناه أن عمر بن الخطاب رد خبر فاطمة بنت قيس في إسقاط نفقتها رغم إسلامها واستقامتها. 
٣- أن الناس لم يكلفوا معرفة ما غاب عنهم، وإنما الحكم بالظاهر. ويجاب عنه بأن مجهول العين ومجهول الحال لا يمكن الحكم عليهما بفسق في العدالة ولا تغفيل في الضبط لكن كلا منهما محتمل ولا يدفع الاحتمال إلا التوثيق الصريح.                       ( تلخيص الصفحات من ٢٩ إلى ٤١ )


الإخراج للراوي في الصحيحين
  • من حيث العدالة: فإنه يكسب الراوي توثيقا ضمنيا.
  • من حيث الضبط: فإنه يكتسبه إن كان الإخراج له في الأصول، مع مراعاة وجه الإخراج له، وإن كان الإخراج له في المتابعات والشواهد ونحوها فبحسب حاله.

إذا روى العدل عن رجل وسمّاه، فهل تعتبر روايته عنه تعديلا منه له؟   
١- قول أكثر علماء الحديث: 
لا تعتبر تعديلا منه لمن روى عنه، يجوز أن يروي العدل عن غير عدل فلا تتضمن روايته عنه تعديله.

٢- قول بعض أهل الحديث والشافعية: 
تعتبر تعديلا منه لمن روى عنه، لأن العدل لو علم فيمن روى عنه جرحا لذكره لئلا يكون غاشا في الدين.
نوقش هذا القول بأمرين:     أ- احتمال كون الراوي لا يعلم عدالة من روى عنه ولا جرحه.
   ب- أن الرواية تعريف تزول به جهالة العين بشرطه، والعدالة إنما تعرف بالخبرة، والرواية لا تدل على الخبرة.

٣- الشيخين وابن حجر وابن خزيمة والحاكم والسخاوي والأصوليين وجمع من المحدثين:
إن كان العدل قد عُلِم أنه لا يروي إلا عن ثقة، فروايته توثيقٌ لمن روى عنه.  وهو الراجح.    
( تلخيص الصفحات من ٤١ إلى ٤٢ )


إذا عمل العالم أو أفتى على وفق حديث
فهل يعتبر ذلك تصحيحا له وتعديلا لراويه؟ 
١- الخطيب البغدادي: إذا عمل العالم بخبر من روى عنه لأجله فإن ذلك تعديل له يعتمد عليه. 
تعليل ذلك: لأنه لم يعمل بخبره إلا وهو عنده عدل مقبول الخبر.
             ولأنه لو عمل العالم بخبر من ليس عنده عدلا لم يكن العالم عدلا يجوز الأخذ بقوله والرجوع إلى تعديله.

٢- قال ابن كثير: إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث أو تعرض للاحتجاج به في فتياه أو استشهد به عند العمل بمقتضاه فإن ذلك تعديلا للراوي.
نوقش كلام ابن كثير بما يلي:
أ- قد يكون ثم دليل آخر من إجماع أو قياس أو غيرها.
ب- ربما كان المفتي ممن يرى العمل بالحديث الضعيف وتقديمه على القياس.
ج- ربما كان عمل العالم بذلك الحديث احتياطا منه.

٣- ابن الصلاح: لا يعتبر حكما بصحة الحديث.
لا تعارض بين الخطيب وابن الصلاح، لأن الخطيب قيد كلامه بقوله: “من روى عنه لأجله”، فالحكم هنا خاص بحديث راو معين.
( تلخيص الصفحات من ٤٣ إلى ٤٤ )


آخر إضافة ٢١ مايو ٢٠٢٠م
يتبع إن شاء الله،،

***
لتحميل نسخة مسودة من تلخيص كتاب ضوابط الجرح والتعديل pdf

ليست هناك تعليقات: